أخرج عالم النفس فرويد للعالم مصطلح نفسي غريب مقتبس من الأساطير اليونانية للتعبير عن سلوك يمر به الطفل، والذي يجعله في تنافس شديد مع والده، تُرى ما الذي تعنيه عقدة أوديب، وإلى أي سن تستمر لدى الأطفال، وما هو مقابلها الأنثوي؟
عقدة أوديب عند الرجال
- وضع الطبيب النفسي النمساوي سيجموند فرويد مصطلح مثير للجدل، فلم يلق رواجًا في عصره، ألا وهو عقدة أوديب.
- ونعرفها بأنها سلوك يميل فيه الطفل الذكر للتعلق الشديد بأمه، للحد الذي يجعله يغير من والده عليها،
- فيكن له الكره.
- فتتشكل لدى الطفل بشكل غير واعي رغبة جنسية تجاه والدته، وذلك يكون في الفترة من عمر ثلاث حتى خمس سنوات.
- فتشهد تلك الفترة تشكل الهوية الجنسية لدى الطفل.
- يشعر الطفل بانجذاب شديد لوالدته، وتظهر الرغبة في تملك حبها، ويتشكل نوع من العداء والغيرة تجاه الأب.
- ويرى فرويد أن ذلك السلوك طبيعي جدا في تلك الفترة، حيث ينتهي الأمر بالطفل إلى فهم هويته الجنسية، وهوية أمه.
- وقد استقى فرويد تلك النظرية من أسطورة إغريقية قديمة تدعى أسطورة أوديب الذي قتل أبيه وتزوج أمه في النهاية، فرأى أن تلك القصة تعبر عن فحوى نظريته التي تعرضت للعديد من الانتقادات.
يمكنك أن تقرأ أيضًا: الطفل العصبي العنيد: وكيفية التعامل مع عناد الأطفال
عقدة أوديب عند النساء
ارتبطت نظرية عقدة أوديب بالعالم فرويد، حتى جاء الطبيب النفسي كارل يونغ وأطلق مصطلح عقدة الكترا عام
1931 على نفس السلوك العدائي أو التنافسي الذي تشعر به البنت تجاه والدتها، مشيرًا بذلك إلى النسخة النسائية من تلك العقدة.
حيث تصف عقدة الكترا تعلق الفتاة الشديد بوالدها، وشعورها بالغيرة من والدتها والرغبة في منافستها.
تمر البنت بتلك الحالة في الفترة الممتدة من عمر ثلاث إلى ست سنوات، ولكن سرعان ما تتخلى الفتاة عن
سلوكها خوفًا من أن تفقد حب أمها لها.
تعود الفتاة للتقرب من أمها مرة أخرى، حيث يرى يونغ أن ذلك السلوك جزء من طبيعة الفتاة، ولا يمثل أي غرابة.
جاءت تسمية عقدة الكترا من تحفظ العالم كارل يونغ على بعض أفكار فرويد، الذي ذكر أن الفتاة تشعر بكونها غير
مكتملة حين تتعرف على هويتها الجنسية، وبالتالي تغضب من والدتها لأنها لم تنجبها مكتملة.
لكن رأى العلماء أن تلك النظرية غير صحيحة، ولو كانت صحيحة لشعر الطفل الذكر بالنقص أيضًا لكونه لم يُولد برحم.
جاءت تسمية عقدة الكترا أيضًا من أسطورة يونانية تسمى أسطورة إلكترا التي أقنعت أخيها بقتل والدتهما وعشيقها
كي يثأروا لقتلهم أبيهما.
أعراض عقدة أوديب
هناك بعض المشاعر التي يشعر بها الطفل المصاب بعقدة أوديب، فيترجم الطفل تلك المشاعر في شكل سلوكيات تعبر عما بداخله.
حيث يرغب الطفل في قضاء أطول وقت ممكن مع والدته، وبالتالي يشعر بالتعلق الشديد تجاهها والذي يهدده وجود الأب.
يشعر الطفل بالغيرة، فيرى أن والدتها تولى اهتمامها بوالده أكثر منه، فتتملكه بعض التصرفات العدائية ويحاول
ابعادهم عن بعض، لدرجة تصل به لمنع خروجها سويًا.
هذا بالإضافة إلى رغبته في النوم بجانب والديه، فيرفض أن ينام بمفرده.
تصاحب الطفل بعض المشاعر الخيالية التي تشعره بأن والديه يبتعدان عنه، وبالتالي يشعر بشيء من الخوف والتوتر.
نجد الطفل في النهاية يحاول أن يتقمص شخصية أبيه، وذلك كي يتمكن من أن يحل مكانه لدى أمه.
ولكي تتمكني من معرفة هل طفلك يمر بتلك العقدة أم لا، راقبي تصرفاته، فستجدينه يعبر بشكل صريح عن أفكاره،
كما يرفض مظاهر التقارب بينك وبين والده.
أما فيما يتعلق بالفتيات، ستشعرين بدائرة من التنافس التي وضعتك فيها، بل وستعبر بلطف وبراءة أنها ترغب في الزواج من أبيها.
ملخص عقدة أوديب
تستمر مشاعر الغيرة والعداء في ملاحقة الطفل، فتجعله ينفر من والده ويحاول جاهدًا أن يحوز على مكانه، ويأخذ كافة اهتمام والدنه.
إلى أن يبلغ سنة الخامسة، فيستوعب الطفل أنه لا يمكن أن يحل محل والده، فيتقبل هويته الجنسية وهوية والده وبالتالي تختفي تلك المشاعر رويدًا رويدًا.
علاج عقدة اوديب
اقترح فرويد عدد من الحلول بعد أن أطلق نظريته، والتي تدور حول طريقة تعامل الآباء مع أطفالهم،
حيث يرى الآتي:
- ينبغي على الوالدين ألا يميزوا بين أطفالهم وفقًا لجنسهم، فيحرصون على المساواة بينهم من كافة الجوانب.
- عدم معاقبة الأطفال بقدر متفاوت بناء على جنسهم، فيتساوون في العقاب، سعيًا لعدم شعور الطفل بالظلم والاضطهاد من أحد الوالدين لكونه ذكر أو أنثى.
- يتوجب علي الأبوين مراقبة أطفالهم جيدًا، ليتمكنوا من تتبع أعراض العقدة في حالة استمرارها، وبالتالي يستطيعون مساعدتهم على تجاوزها من خلال تفهم أفكارهم.
عقدة أوديب عند الكبار
يرى العلماء أن تلك العقدة تنتهي بشكل طبيعي ودون تدخل، حيث يتفهم الطفل هويته مع الوقت، ويتجاوز العقدة اعتمادًا على قيم المجتمع من ناحية، وزيادة نضجه من ناحية أخرى.
ولكن لاحظ العلماء استمرار تلك العقدة لدى الكبار في مرحلة البلوغ، وربما يتسبب ذلك في بعض المشاكل النفسية كالاكتئاب.
نلاحظ في كثير من الأحيان اصرار الشاب أو الفتاة على اختيار شريك حياة يشبه نسخة الأب والأم في السلوكيات والأخلاق دون أي وعي منهم، وبذلك يحصلون على حب والديهما لهما، ويتمكنون من تكوين علاقتهم وفقًا لذلك التشابه.
علاج عقدة اوديب لدى الكبار
يتدخل العلاج النفسي التحليلي لمعالجة تلك العقدة، وذلك من خلال محاولة تتبع مشاعر الشخص، وفهم الأفكار المخزنة داخله عن والديه.
فيساعد الطبيب المريض على فهم ما وراء تلك العقدة، ومعرفة الأسباب والأفكار المتعلقة بها.
كما يساعده على تقبل مشاعره، وعدم جلد نفسه ولومها لما يدور داخله من أفكار.
وبالتالي يتمكن من مساعدته على تجاوز أي مشاكل نفسية ناتجة في الأصل عن تعلقه بوالديه، والتحرر من ذلك الطفل القابع داخله والذي ما يزال يحمل مشاعره الطفولية اللامنطقية.
فيتمكن في النهاية من تكوين علاقات صحية بعيدة عن نسخة الأبوين القابعة في عقله وقلبه.
وختامًا تعتبر عقدة أوديب من أكثر المفاهيم إثارة للجدل في علم النفس، فنجد من يرفض النظرية تمامًا، ويرى أنها لا تسرى على كافة البشر، بينما يراها البعض كجزء من محاولة فهم السلوك الإنساني.
أسئلة شائعة
ما هي عقدة اوديب في علم النفس؟
يفسر علم النفس التحليلي عقدة اوديب بأنها زيادة تعلق الابن بوالدته، وبالتالي تزداد لديه الرغبة في تملكها،
إضافة إلى الغيرة من والده، مما يخلق نوعًا من التنافس الذي يظهره الطفل في شكل تصرفات عدائية تجاه الأب.
متى تنتهي عقدة اوديب؟
بمجرد أن يبلغ الابن سن الخامسة تنتهي عقدة اوديب بتزايد الوعي لديه بهويته الجنسية وهوية والديه.
ما المقصود بعقده أوديب والكترا؟
تمثل عقدة الكترا النسخة الأنثوية من عقدة اوديب، فمثلما يشعر الابن في الرغبة من تملك والدته،
تشعر الفتاة أيضًا في الرغبة من الزواج من والدها وتملكه، وبالتالي تحركها الغيرة تجاه والدتها،
بل وتنافسها مثلها في ذلك مثل عقدة اوديب.
ما معنى كلمة أوديب؟
تنتمي كلمة أوديب إلى اللغة اليونانية، وتعني تورم القدمين، حيث تشير في الأصل إلى قصة أسطورية من ميثولوجيا الإغريق، والتي تتحدث عن ملك طيبة الذي قتل والده في نهاية القصة وتزوج من أمه.