ماهو الأغتراب النفسي: الأعراض، الأسباب، العلاج


ماهو الأغتراب النفسي الأعراض، الأسباب، العلاج
ماهو الأغتراب النفسي الأعراض، الأسباب، العلاج

إن احساس الغربة من المشاعر الإنسانية المؤلمة التي تستنفد طاقة المرء، وتسلبه السعادة، كونه يحيا منفردًا، وبمجرد أن يزول الشعور، تعود الحياة للشخص من جديد، لكن ماذا إن كان الشخص غارقًا في شعور الاغتراب، لا يتركه أينما ذهب، بل يشعر بالاغتراب النفسي الذي يفصله عن مجتمعه وعن ذاته، تُرى ما الذي يعنيه الأغتراب النفسي، وما أهم أعراضه وأسبابه.

مفهوم الأغتراب النفسي

ناقش علماء النفس والاجتماع ظاهرة الأغتراب النفسي، والتي لا تفرق بين المستويات الاقتصادية أو الاجتماعية أو العلمية للفرد، فجميع البشر معرضون لها على اختلاف فئاتهم.

وقد ساعد التطور وهو سمة العصر على شيوع مثل تلك الظاهرة، حيث تحفز المجتمعات المتقدمة فكرة الانعزالية، كما تصفق للوحدة.

يمكننا تعريف الأغتراب النفسي من منطلقين، ألا وهما التعريف اللغوي والاصطلاحي:

التعريف اللغوي للأغتراب النفسي

يعرف معجم اللغة العربية كلمة الاغتراب بأنها شعور المرء بالضياع، فيشعر بأنه غريب غير منتمي لمجتمعه، وبالتالي يتجه للعزلة كدواء لغربته.

التعريف الاصطلاحي

تنوعت المصطلحات التي توضح معنى الاغتراب النفسي، فيعرفه بعض العلماء على أنه شعور بالعزلة وعدم الانتماء يصيب الفرد، فيزيد من شعوره بعدم الثقة، كما يعتريه القلق، وحينها يبدأ في رفض القيم المجتمع ومعاييره.

بينما نجد تعريفًا آخر يفسر الاغتراب النفسي بأنه انفصال المرء عن ذاته وعن الآخرين، وربما ينفصل عن كليهما.

يفسر علم النفس الاجتماعي الاغتراب النفسي بأنه حالة من التناقض بين الفرد ومن حوله من أشخاص وجماعات،

وينتهي به الأمر في النهاية إلى العزلة والتغرب.

نستنبط في النهاية أن الاغتراب النفسي ظاهرة تبعد الإنسان عن نفسه في المقام الأول وعن مجتمعه ومن حوله، مما يترتب عليها أن يغترب الإنسان وهو في بيته وبين أهله.

أعراض الأغتراب النفسي

يشعر من يعاني من الاغتراب النفسي بعدد من الأعراض التي تحول حياته لسلسلة من المعاناة،

وتتمثل تلك الأعراض في الآتي:

  • يشعر الشخص بحالة من الانفصال والتغرب عن نفسه أو عن مجتمعه أو عن كليهما دون فرق.
  • يلي هذا الشعور عدد من المشاعر السلبية التي تسيطر على نفسه، وعلى رأسها ما يعتريه من شعور بالعجز وعدم الثقة بالنفس.
  • يشعر المرء بالرفض المجتمعي.
  • تسيطر على الإنسان حالة من عدم الانتماء الذي تدفعه إلى السخط ثم العزلة.
  • تلامس نفس الإنسان بعض الأفكار السلبية، فيفقد معنى الحياة ويشعر بعدم قيمتها.
  • يبدأ الإنسان في الانفصال عن الواقع، وبالتالي يفقد هويته.
  • ينتهي الأمر بالبعض إلى رفض كافة القيم المجتمعية.

تعرف على: اضطراب الشخصية التجنبية: الأعراض و العلاج

أسباب الأغتراب النفسي

تتضافر مجموعة من الأسباب التي تؤدي في النهاية إلى حدوث ظاهرة الأغتراب النفسي.

يقسم العلماء تلك الأسباب إلى:

الأسباب النفسية

ينتج الاغتراب النفسي عن حدوث صراع ما بين دوافع المرء ورغباته التي تتعارض مع حاجاته، وبالتالي لا يتمكن من تلبية جميعها في وقت واحد.

حيث يخلق هذا الصراع حالة من التوتر والقلق وما يصاحبهما من اضطرابات أخرى.

يعتبر الإحباط أحد أسباب الأغتراب النفسي، فيصاب المرء بالإحباط كنتيجة لعدم قدرته على تحقيق رغباته.

وبالتالي يشعر بحالة من العجز والفشل الممزوج بالقهر وتدني نظرته لنفسه.

تسيطر على الإنسان حالة من الحرمان، فلا يملك إشباع رغباته وحاجاته الإنسانية، فتؤدي به كل تلك المشاعر إلى

الانعزال وعدم الشعور بالانتماء.

يجد الإنسان نفسه أمام أحداث تفوق قدرته على الاستيعاب والتحمل، فلا يملك لها حل وبالتالي تؤثر على تفاعله،

ومن بين تلك الخبرات الصادمة حدوث الكوارث والحروب، علاوة على الأزمات الإقتصادية التي لا يستطيع قبول عجزه أمامها والتعايش معها.

الأسباب الاجتماعية

نعيش في مجتمعات تتبنى مجموعة من العادات والثقافات التي لا تكون بالضرورة صائبة، فلا يملك الفرد القدرة على التأقلم مع مجتمعه وبيئته.

وبالتالي لا يستطيع التفاعل الاجتماعي مع الأفراد والمؤسسات مثل الأسرة والجامعة.

فيجد الإنسان نفسه معرضًَا لعدد من الضغوطات الاجتماعية التي تدفعه للإنعزال عن ثقافته وهويته.

يواجه المرء في بعض الأحيان عدد من التصرفات السلبية من قبل مجتمعه، فيعاني البعض من عدم القبول بدء من الأسرة ثم المجتمع.

وهذا ما يدفع بعض الأفراد للسلوك العدواني فيحققون أهدافهم من خلال طرق غير مشروعة أو مقبولة اجتماعيًا.

العوامل الإقتصادية

كثيرًا ما تتحكم العوامل الإقتصادية للمجتمعات في تغيير موازين القوى، فهذا الاختلاف في مستوى الدخل يؤدي بطبيعة الحال إلى سيطرة أصحاب الدخل المرتفع.

مما ينتج عنه غياب أصحاب الدخل المنخفض، فلا يتمكنون من التعايش في مجتمعاتهم مما يدفعهم للعزلة.

ما هي مراحل الأغتراب النفسي

لعلك تتساءل الآن هل يعلق الإنسان داخل حلقة الاغتراب النفسي فجأة؟ يستيقظ صباحًا وإذ به صار مغتربًا بين أهله؟

في الحقيقة يمر الاغتراب النفسي بعدد من المراحل، والتي تتلخص في الآتي:

1- التهيؤ النفسي للاغتراب

يبدأ الاغتراب النفسي صغيرًا من خلال تسلل بعض الأفكار والمشاعر السلبية التي تتمثل في فقدان المرء لمعنى حياته.

فلا يملك القدرة على اتخاذ مواقف معينة أو تغيير شيء في حياته أو تلبية احتياجاته، وبالتالي يتسلل إلى قلبه الشعور بالعجز والاحباط.

فتتساوى كافة الأشياء في نظره ويفقد قيمة الحياة داخله.

2- الرفض

بعد أن يشعر المرء بالإحباط والعجز، يساوره شعور بالرفض، فيرفض واقعه وثقافة مجتمعه.

وهنا يشعره بكونه غريبًا غير منتميًا، ويبدأ في الانعزال العاطفي والمعرفي عما حوله.

3- التكيف

هنا يبحث المرء عن درب يسلكه كي يحاول التكيف مع ما يحدث له، وهنا تختلف مذاهب الإنسان.

فنجد من يحاول الخضوع بشتى الطرق مع كل موقف، فيسعى للاندماج التام، بينما نجد من تحركه رياح الثورة والتمرد، فيحتج على ما يزعجه، ويفسر العلماء هذا التصرف بكونه إيجابيًا.

ونجد من ينعزل بشكل كامل عن مجتمعه، فيجد في الوحدة والعزلة دربه المريح.

يمكنك أن تقرأ أيضًا: ماهو الأحتراق الوظيفي، وكيفية التغلب عليه

علاج الاغتراب النفسي

حدد المختصون بعد طرق التعامل مع الأغتراب النفسي، والتي تتمثل في الآتي:

الإرشاد النفسي

يقع على عاتق المختصين مهمة إرشاد الأشخاص المغتربين نفسيًا، فيوجهون لهم الدعم النفسي من خلال الجامعات، أو عبر مراكز خاصة بالتوجيه النفسي.

وبالتالي يخفف الأخصائيون النفسيون والاجتماعيون من وطأة الاغتراب على نفوس الأفراد وبخاصة الطلبة الذين يعيقهم الاغتراب النفسي على التحصيل الدراسي الجيد.

فيساعدونهم على تكوين روابط وعلاقات اجتماعية مناسبة تجعلهم يندمجون مع مجتمعاتهم.

توعية الأسر بضرورة المحافظة على الاستقرار النفسي والانفعالي لأبنائهم، من خلال دعمهم وإيصال حبهم لهم، وعدم عزلهم اجتماعيًا.

التوعية الدينية

إن حافظ الإنسان على تعاليمه الدينية وطبقها بوعي وحب، فإن ذلك يقيه من كافة مظاهر الاغتراب النفسي.

وذلك لأن الدين يمنحنا معنى للحياة، بل ويعزز من انتمائنا لأوطاننا، وهذا ما يحتاج المغترب أن يشعر به.

كما يدفعنا الدين للتأمل في نعم الله علينا وما أكثرها!، فننظر لما نملك من قدرات ومواهب، وبالتالي لا نتحسر على ما فقدنا أو ما لا نستطيع تحقيقه.

وختامًا إن كنت ممن يعانون من ظاهرة الأغتراب النفسي، فتذكر دومًا أنها دنيا، بها من البدائل الكثير، فأي كان من فقدته أو ما لا تملك الحصول عليه، فتأكد أن له بديل يمكن إدراكه، وأن الحياة لا تمضي دومًا بمثالية، فانظر إلى كم الفرص التي يمكن أن تفوتك لمجرد أنك اخترت العزلة، وحبست نفسك داخلك.

الكاتب:

كاتبة محتوى وروائية, لدى خبرة في كتابة المقالات في عدد من المجالات على رأسها السياحة والتاريخ. باحثة ماجستير في الأثار المصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *