حبة الغلة القاتلة و الانتحار الصامت


حبة الغلة القاتلة و الانتحار الصامت (ALP)

حبة الغلة القاتلة و الانتحار الصامت
حبة الغلة القاتلة و الانتحار الصامت

يُعد الانتحار رابع سبب للوفاة حسب إحصائية منظمة الصحة العالمية؛ ويعتبر الإنتحار مهما أختلفت طرقه سواء بحبة الغلة القاتلة أو طرق مختلفة ، أسلوب مندفع تنهار فيها قدرة المرء على التحمل و إدارة أزمات حياته فيلجأ لقتل نفسه ظنًا بأن ذلك النجاة.

تعريف الإنتحار:

هو إنهاء الإنسان حياته بنفسه؛ أو إتلاف عضو مِن اعضائه.

  • يوجد أكثر مِن مليون حالة انتحار سنويًا في العالم؛ أكثر مِن ثلثي هذه الحالات تقع في مناطق الدخل المتوسط والمتدني مِن العالم وتكون الأسباب المادية هي الغالبة في هذه الحالات؛ وهذا لا يعني أن بلاد الدخل المرتفع لا يوجد بها حالات انتحار؛ بل تحدث غالبًا لأسباب نفسية.
  • أكثر الفئات عرضة للإنتحار هم الشباب والمراهقين؛ إذ أن متوسط نسبتهم حوالي 60% مِن أجمالي عدد المنتحرين.

طرق الإنتحار:

يتم الإنتحار غالبًا عن طريق:

  • الحرق، الشنق ، القتل ، تناول مواد سُمِية كالمخدرات ، تناول المبيدات الحشرية؛ وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل.

أسباب الإنتحار:

تتعدد أسباب الإنتحار ولكن السبب الرئيسي لوجود حالات إنتحار هي محاولات الإنتحار؛ وسنتطرق إلى أهم مسبباته فيما يأتي:

  1. أسباب نفسية:

  • تمثل حوالي 40% مِن إجمالي حالات الانتحار؛ وتتمثل أعراضه في:
  • الإكتئاب ونوبات القلق و الوحدة و الإنعزالية و الحزن الشديد لفقدان صديق أو حبيب.
  • الإحباط و التعاسة التحدث كثيرًا عن الموت و الإحساس بالفشل و الشعور بالذنب.

2. أسباب اجتماعية:

  • تمثل 25% مِن أجمالي حالات الإنتحار وتتبَين في الآتي:
  • مشاكل أسرية و عاطفية، خلافات زوجية خلافات بين الأباء و الأبناء.
  • تناول المخدرات و الخمور.
  • الإصابة بأمراض مزمنة و الألم الجسدي الغير محتمل.
  • التقليد الأعمى بين الشباب دون وعي .

3. أسباب مادية:

  • تمثل 35% مِن إجمالي المنتحرين؛ وتكون عبارة عن:
  • ضغوطات مادية و الفقر و البطالة.
  • فقدان العمل، المال ، المنزل .. وما إلى ذلك.
  • الركود الإقتصادي و قلة فرص العمل الشعور الإلزامي بالمسؤلية المادية.

أقرأ عن أهم أسباب الإكتئاب و طرق الوقاية منه مِن هنا:

وسائل مكافحة الإنتحار

مِن أهم الأسباب التي تمنع وتقلل مِن حالات الإنتحار هي التوعية الدينية و النفسية.

أولاً؛  التوعية الدينية:

  • لاشك أن قتل الإنسان نفسه محرم سماويًا في كل الديانات؛ وهو تحدي وإستباق لإرادة الله فيجب التوعية الدينية بحُرمانية هذا الفعل الشنيع؛ وهناك أدلة كثيرة مِن القرآن على الوعيد الشديد لهذا الفعل؛ لأن الكثير مِن المقدمين على هذا الفعل يأملون بحياة مختلفة بعد الموت.
  • إعادة زرع الإيمان الحقيقي بالله؛ وأن لاشئ مهما بلغ سواده وشدته في وقت الأزمة إلا خير.
  • الثقة بالله وعدم القنوط برحمته؛ وبالتالي عدم الأعتراض على قضائه؛ إذ أن القنوط يبث اليأس في النفوس.

ثانيًا؛  التوعية النفسية:

يجب على الأهل أن يأخذوا في الأعتبار كل محاولات أو تهديد بالإنتحار على محمل الجد؛ وأن يسارعوا بالتوجه إلى مختص نفسي؛ وهناك الكثير من خدمات الرعاية النفسية التي تقلل محاولات الانتحار مثل:

  • التسهيلات المقدمة مًن الحكومة للوصول إلى خدمات الرعاية النفسية.
  • الحصول على الدعم النفسي مِن العائلة و التركيز على الجوانب الإيجابية للإنسان وتسليط الضوء على سِماته الجذابة.
  • حلقات التوعية النفسية التي يتشارك فيها الطفل مع أهله بمعالج نفسي، المشاركة في الأنشطة التطوعية و الرياضية، ليكون شخص فعال في المجتمع.

ثالثًا؛ التوعية المجتمعية:

  • عن طريق مشاركة وسائل الإعلام؛ ومنصات التواصل الإجتماعي والوسائل التعليمية التي تبين خطورة هذه الفعلة على الأشخاص وأهلهم والمجتمع بأكمله.
  • تقييد وحظر الوصول إلى ادوات الإنتحار مثل( الأدوية المخدرة؛ المبيدات الحشرية؛ الأسلحة النارية وغيرها..)

رابعًا؛ التوعية الطبية:

دورات متعددة لأطباء الطوارئ في المستشفيات؛ لكيفية التعامل السريع مع حالات الانتحار.

الانتحار بحبوب الغلة

و سنخص بالذكر الانتحار بحبوب الغلة نظرًا لإنتشارها الواسع؛ فتُعد من أشهر أدوات الإنتحار بالمبيدات الحشرية على مستوى العالم؛ وتمثل نسبة عالية من إجمالي المنتحرين على مستوى العالم تُقدر ب 20% مِن إجمالي حالات الانتحار سنويًا.

ما هي حبوب الغلة؟

  • أشهر المبيدات الحشرية سُمية وفتكًا بالإنسان سواء عن طريق العمد أم الخطأ؛ وأأمن وسيلة للحفاظ على الغلال المخزنة في الصوامع من التسوس؛ خاصة في فصل الشتاء مع زيادة الرطوبة.
  • رخيصة الثمن؛ يتراوح ثمنها مِن ثلاث إلى عشر جنيهات.
  • تدخل مصر بصورة مصرح بها للإستخدام الزراعي، ولا يوجد محاذير لإستخدامها غير التدوين عليها مِن خارج العبوة عبارة ” عالي السُمية “
  • معظم الدول حظرت وقيدت إستخدامها بعد تسببها في مقتل الكثير مِن الأطفال.

أسماء حبة الغلة التجارية المتعارف عليها:

توجد بأكثر مِن أسم تجاري في السوق المصري؛ حسب الشركات المُصنعة؛ إلا أن تركيبها الكيميائي واحد:

كويكفوس، سيلفوس، تالودكس ، أقراص الفوستوكسين، فوسفيم

أقرأ أيضًا عن مظاهر العنف ضد المرأة مِن هنا:

أكثر الفئات انتحارًا بحبة الغلة:

  • تستقبل مصر سنويًا أكثر مِن 1500 حالة انتحار بحبوب الغلة وحدها؛ وغالبية هذه الحالات من الشباب ما بين 17 إلى 29 سنة.
  • متوسط عدد الحالات المتوفية بتسمم حبة الغلة تمثل 60% من الحالات.
  • بدأت ظاهرة الإنتحار بها في عام 2019؛ ويعتقد الباحثين إرتباطها بجائحة كورونا وما أخلفته مِن ركود اقتصادي؛ إذ أنها تعتبر وسيلة للموت الرخيص.
  • أنتشرت خطورتها عالميًا كسرعة النار في الهشيم؛ فتمثل وسيلة القتل الأولى في الهند؛ وسجلت منظمة الصحة الكثير مِن الحالات في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأمريكا، لذا يعتبر خطرها عالمي وليس محلي هنا فقط في مصر؛ وناشد الكثير مِن المسؤلين في الحكومة تقييد إستخدام هذه الحبة.

تركيبها الكيميائي:

تكمن خطورة هذه الحبة في إطلاقها غاز الفوسفين. وهو غاز شديد السُمية، سواء كانت حبة الغلة مِن أصل مركبات (ألومنيوم فوسفيد؛ زينك فوسفيد؛ كالسيوم فوسفيد) فجميعها تطلق غاز الفوسفين، الذي صنفه مركز مكافحة الأمراض بأنه الأعلى خطورة على حياة الإنسان.

ماذا يحدث عند ابتلاع حبة الغلة؟

  • تكمن خطورة الحبة في إطلاق غاز الفوسفين شديد السمية؛ إذ لا يوجد له ترياق إلى الآن؛ حيث يتفاعل المركب مع الماء وعصارة المعدة مما يؤدي إلى إنطلاق غاز الفوسفين الذي يدمر كل أجهزة الجسم تباعًا، و يحاول الأطباء انقاذ كل عضو على حده لتجنب الوفاة.
  • 500 مجم مِن غاز الفوسفين كفيلة بقتل الإنسان؛ حيث أن غاز الفوسفين يعتبر قنبلة كيماوية داخل أجسامنا؛ يدمر كل أجهزة الجسم.

الإسعاف السريع عند تناول حبة الغلة:

لا يفيد الندم بعد تناولها حيث تحدث الوفاة بعد بضع ساعات نتيجة إنهيار تام في كل وظائف الجسم، ولكن بعض الإسعافات الأولية السريعة قد تحد مِن مخاطر وأضرار الحبة وتُبقى على حياة المنتحر.

  1. شرب كوب مِن الزيت (زيت جوز الهند، البرافين او اي زيت نباتي ) من 2 الي 5 زجاجات كل 15 دقيقة؛ حيث أن الزيت يغلف الحبة ويمنع تفككها وتفاعلها مع الماء مما يؤخر ظهور الأعراض.
  2. نقل المريض إلي اقرب مركز سموم.
  3. إعطاء بيكربونات الصوديوم بشكل وريدي؛ حتي تتفاعل مع الأحماض الموجودة الناتجه من تفكك حبة الغلة.
  4. غسيل المعدة ببرمنجنات البوتاسيوم لإزالة السموم الغير ممتصه من الأمعاء؛ فيقوم بأكسدة غاز الفوسفين السام إلى مركبات الفوسفات الآمنه علي الجسم.
  5. حقن بعض المواد المضادة للتقلصلات في الوريد مثل ( زانتاك, راني) حتي يقلل إمتصاص الغاز في الدم.
  6. وضع المريض علي جهاز تنفس صناعي.

أعراض التسمم :

  • الأعراض تختلف علي حسب الجرعة وكم مضى من وقت بعد تناول الحبة؛ حيث أن حبة واحدة كفيلة بإطلاق 1000 مجم من غاز الفوسفين أي أن ضعف الكمية القاتلة للإنسان.
  • أعراض التسمم سريعة الظهور حيث أن الحبة تتفكك فور نزولها المعدة ومالم ننتبه للأعراض فإنها تقتل المريض بصمت فى غضون بضع ساعات.
  • وغالبًا ما تبدأ الأعراض بهبوط حاد في الدورة الدموية؛ الذى يؤدي إلي وقوف عضلة الفلب وضيق في التنفس وفشل في الكبد والكلي وانهيار الأعضاء واحدا تلو الآخر.

كيف يُشخص الأطباء هذا التسمم:

  1. عن طريق الحدس الطبي و سؤال الأهل والحاضرين هل تناول المصاب حبوب الغلة .
  2. اختبار السُمية؛ عن طريق التنفس أو سائل المعدة, حيث يأخذ الطبيب عينة مِن سائل المعدة ويضعها في أنبوب به نترات الفضه أو ينفخ المريض في هذا الأنبوب فحين تتحول إلي اللون الأسود يصبح الإختبار إيجابياً .
  3. عن طريق رائحة الفم و الأنف حيث أن غاز الفوسفين يطلق رائحه مشابهه لرائحة الثوم فيعرف الطبيب انه تناول حبوب الغلة القاتلة.

الأخطاء الشائعة للتعامل مع تسمم حبة الغلة :

  • إعطاء المريض محلول ملحي أو شربه للعصائر و المياة، مما يسهل من سرعة تفكك المركب وبالتالي تدمير الأعضاء الداخلية بسرعة؛ وبديل ذلك شرب الزيت كما سبق أن أشرنا.

محاذير التعامل مع حبة الغلة القاتلة :

تكمُن الخطورة في التعامل معها دون وعي أو إحتياطات؛ ولذا يجب توخي الحرص عن طريق:

  1. عدم تداول حبة الغلة القاتلة إلا عن طريق منافذ بيع وزارة الزراعة.
  2. عدم تخزين حبوب الغلة في البيت منعًا أن يبتلعها الأطفال عن طريق الخطأ.
  3. التعامل مع الحبة بحذر شديد ولبس كمامة وقفازات في الأيد.
  4. ارتداء ملابس واقيةو بعد الإستخدام يجب غسل اليدين والوجه بالماء جيداً.
  • و كما سبق أن أشرنا يجب تقييد تداول حبوب الغلة؛ و حظر تواجدها في الدكاكين و ألا تُباع إلا في منافذ وزارة الزراعة، كما يجب أن نُدرك بشكل عام مخاطر الإنتحار على المجتمع بأكمله؛ فالإنتحار ظاهرة غير صحية تهدد استقرار الأمة.

 

الكاتب:

كاتبة متميزة بموقع المتخصص، صاحبة قلم مبدع حر ، خريجة كلية علوم جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *