قصة مدينة أرم ذات العماد


أرم ذات العماد

يضرب الكثيرون المثل بمدينة إرم في عظمة البنيان، وقد جاءت معرفتنا بها بذكرها في القرآن الكريم، فحكى لنا عن قوم اشتهروا بالقوة والبأس، وكذبوا نبيهم المرسل، ومن ثم عُوقبوا بريح عنيفة، ترى أين تقع مدينة أرم ذات العماد، وما قصتها.

قصة مدينة أرم ذات العماد

جاء ذكر مدينة أرم ذات العماد في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد}.

وتلك إشارة صريحة لوجود تلك المدينة عظيمة البنيان، التي ارتبط ذكرها بذكر قوم عاد.

فقد عاشوا في منطقة الأحقاف، التي ذكرها القرآن الكريم “وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ”.

وتنتمي قبيلة عاد إلى العرب العاربة، وقد تميزوا بالقوة التي منحتهم القدرة على البناء والتشييد.

كما أغدق الله عليهم الخير والنعيم المتمثل في الجنات والعيون والثمار، ويرى البعض أن صلة ما تجمع ما بين عاد وثمود.

حاز قوم عاد على قدر من الترف الذي جعلهم يبالغون في التشييد، فبنوا العديد من القصور دون حاجة لها.

يمكنك أن تقرأ أيضًا: اين تقع مدائن صالح و ماقصة هذه المدن

كيف عذب الله قوم عاد

اشتهر هؤلاء القوم ببطشهم وجبروتهم، فجحدوا بأنعم الله، ويذهب البعض أنهم أول عباد للأصنام بعد طوفان سيدنا نوح، فأعادوا الأرض للشرك، كما كذبوا الرسل.

أشار القرآن الكريم لجحودهم واستكبارهم، فقال تعالى: {‏فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.

بعث الله فيهم سيدنا هود عليه السلام، وما كان من قومه إلا أن كذبوه، فأنجاه الله من القوم الظالمين.

وأهلكهم بكفرهم، فنزلت بهم ريح عنيفة أفنت القوم.

وقد ذكر القرآن العاقبة التي نالها قوم عاد، حيث قال تعالى في سورة فصلت { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ‏}‏.

كما جاء في سورة الحاقة أيضًا تفصيلًا للعقاب: {‏بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ‏}.

أين تقع الأحقاف

اختلف العلماء حول مكان مدينة أرم ذات العماد، حيث تقع في منطقة تسمى الأحقاف لكن لم يحدد القرآن الكريم موضع الأحقاف.

هناك رأي يذكر أن الأحقاف تقع في حضرموت، واعتمد أصحاب هذا الرأي على اعتقاد أهل حضرموت أن قبر هود يقع في أرضهم.

بل ودعموا رأيهم بوجود بئر تسمى بئر برهوت، وقد أشاع القوم أن أصوات مفزعة تصدر عن البئر.

فظنوا أنها أصوات قوم هود الذين وقع عليهم العذاب الأليم.

ولكن يرى العلماء أن هذا الرأي بعيدًا عن الصواب لأنه محاط بالروايات والأساطير الشعبية التي لا تثبت بشكل كامل صدق الافتراضية.

فمثلما زعم أهل حضرموت وجود قبر سيدنا هود عليه السلام في أرضهم، زعم أهل سيناء احتواء أرضهم على قبر النبي الكريم.

ظهر اتجاه يقول أن مدينة الأحقاف تقع في عمان، بينما ذهب اتجاه آخر أن هذه التسمية يشير  إلى جبل في الشام.

هذا بالإضافة إلى اعتقاد آخر يقول أن اسم الأحقاف هو اسم عام ليس مقصود به منطقة بعينها

بل يطلق على كل منطقة عظيمة الرمال.

تعرف على: اين يقع سور الصين العظيم ومتى تم البناء

أين تقع مدينة إرم ذات العماد

اختلف العلماء أيضًا حول تحديد مدينة إرم البائدة التي اندثرت حضارتها جراء كفر أهلها.

فذهب بعض المؤرخين أنها مدينة الإسكندرية، بينما رأى البعض أنها دمشق.

هذا بالإضافة إلى ذكر ابن خلدون أن إرم كانت آخر القبائل القوية، كما انتقد أصحاب الرأى الأول.

ظهر اتجاه أكثر منطقية يقول أن إرم عبارة عن جبل قرب العقبة في ديار جذام، وينمو عليه بعض أشجار الكروم

وما يشبه الصنوبر.

حيث ذكر أحد الرحالة المسلمين خلال العصور الوسطى وهو القزويني أن قوم عاد عاشوا في هذا الموضع على الجبل، فتم العثور عنده على بعض بقايا التماثيل والمنازل.

أما فيما يتعلق بالكشوف الأثرية، فقد أسفرت البعثات عن الكشف عن بقايا عمران فوق وحول جبل إرم شرق العقبة.

حيث تم العثور على معبد مبني فوق الجبل، وقد أرخ العلماء بعض من نصوصه بالقرن الأول والثاني الميلادي.

هذا بالإضافة إلى عدد من التماثيل والنصب التي ذكرت اللات والعزى، لم يستطع العلماء تأكيد نسبة هذه الآثار لقوم عاد.

بينما حلقت إحدى الآراء منفردة، حيث رجحت شمالية قوم عاد عن جنوبيتها، وذلك لأن القرآن الكريم قد جمع بين

قوم عاد وقوم ثمود، والشائع أن ثمود تقع شمال شبه الجزيرة العربية.

كما تم ذكر عاد بأنها من المواقع القريبة من الحجاز، فقد قال تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ}، كما قال: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ}.

إرم ذات الْعِمَادِ تفسير

اختلف المفسرون حول تفسير مدينة أرم ذات العماد المذكورة في القرآن الكريم، وتتمثل تلك التفسيرات في الآتي:

  • رأي البعض أن كلمة إرم اسم يطلق على بلد، فجعلوا منها الإسكندرية أو دمشق، كما ذكرنا سلفًا.
  • هناك من يعتقد أن إرم تشير بها إلى أمة معينة.
  • يعتقد البعض أن إرم هي قبيلة من قبائل قوم عاد.
  • ذهب أصحاب الاتجاه اللغوي إلى تفسير كلمة إرم بمعنى الهالك.

أما فيما يتعلق بقوله تعالى” ذات العماد” فقد كثر تأويلها أيضًا، حيث ذكر المفسرون الآتي:

  • أشار البعض أن ذات العماد تعني ذات الطول، في إشارة منهم لطول أجسام أهلها.
  • ربما يقصد بمدينة أرم ذات العماد أنها كثيرة البنيان.
  • هناك من فسر أنهم كانوا أهل خيام وأعمدة.

وختامًا كانت تلك جولتنا داخل قصة مدينة أرم ذات العماد، بتفاصيلها وحكايتها وأساطير أهلها، لنتعرف أكثر على تلك القصص الي نرددها، ونقتفي أثر الماضي بما ينفع حاضرنا ويثبت إيماننا.

أسئلة شائعة

من هم قوم ارم ذات العماد؟

يرى بعض المفسرون أن إرم قبيلة من قبائل قوم عاد، وقد عرفوا بعظمة مدينتهم وقوتهم، فكفروا بأنعم الله،

فنزل بهم العذاب.

هل عاش قوم عاد في مصر؟

لا علاقة بين قوم عاد ومصر كما يروج البعض بأنهم بناة الحضارة، فما الرابط في الأساس بين القومين؟

عاش قوم عاد في شبه الجزيرة العربية، وبنوا منازلهم ومدنهم بها، ثم أهلكهم الله بعد أن كذبوا نبيهم.

من هو نبي ارم ذات العماد؟

أرسل الله النبي هود إلى قوم عاد، ودعاهم بالحسنى إلى عبادة الله وذكرهم بنعمه عليهم،

حيث أمدهم بالقوة والثراء، لكنهم كذبوا النبي، فأنجاه الله من بينهم، وأهلكهم بأن أرسل عليهم ريح مدمرة.

هل ارم ذات العماد هي الاهرامات؟

يشيع البعض بعض الخرافات حول أن إرم ذات العماد هي الأهرامات، وأن قوم عاد هم بناتها، وهذا تزييف للتاريخ لا يستوعبه عاقل.

فلما يأتي أقوام من شبه الجزيرة العربية كي يبنوا الأهرامات في مصر!

وكيف وقد وجد علماء المصريات قرى العمال الذين بنوا الأهرامات، بل وطرق بنائها،

كما أنه أبنية مدينة أرم ذات العماد، تعرضت للدمير فلا نجد لها أثر حاليًا، ولا ترتبط بشكل الأهرامات المصرية

حيث تم توثيق طرق بنائها منذ عصر الأسرة الثالثة المصرية.

الكاتب:

كاتبة محتوى وروائية, لدى خبرة في كتابة المقالات في عدد من المجالات على رأسها السياحة والتاريخ. باحثة ماجستير في الأثار المصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *