ما هى الشخصية الصبورة، أنماط الشخصية الصبورة


الشخصية الصبورة

الشخصية الصبورة هي التي تتسم بالجلد و التروي و الإتزان الإنفعالي و التسامي فوق الأحداث وفوق الإنفعالات. ولدي الشخص الصبور القدرة علي تحمل الشدائد، و الأزمات و الضغوط والأبتلاءات والتصرف معها بحكمة، فتخرج منها أكثر صبراً وعقلانية .

فالصبر حالة نفسية نجد فيها الصابر هادئاً شاكراً لا يضجر و لا يشكو ،و لايغضب كأنه في حالة عادية، يتألم بالحمد و يتوجع بالشكر .

الصبر فضيلة يحتاج إليها الإنسان في دينه و دنياه . ففي الصبر ترفع عنا الآلآم ، و الأستعلاء عن الشكوي ، و شفاء للقلوب الحزينه . فالصبر أحد ركائز الصحة النفسية للإنسان ،و صفات الشخص الصبور تمكنه من مواجهة الشدائد و الإحباط .

الصبر ملك الثبات الذي يهون علي صاحبها ما يلاقيه من أذي ومن مصاعب فالتحلي بالصبر ،و قاية للإنسان من أن يقع فريسة للمرض النفسي، تابع معنا السطور لتتعرف إن كنت شخص صبور أم لا .

أنماط الشخصية الصبورة :

يقسم بن تيمية رحمه الله أنماط الشخصية الصبورة الي أربعة أقسام :

  • نمط الشخصية الصابرة والقاسية:

هي التي تصبر علي قضاء الله و بجانب صبرها فهي قاسية القلب شديدة الأسي، قوية العزيمة .

وهي عديمة المشاعر عندما يعترضها بعض المواقف في الحياة الصعبة. حيث لا تتحرك مشاعرها بفرح أو حزن ، و تظل هذه الشخصية صلبة جلده .

  • نمط الشخصية القاسية والجزعة : 

سماتها الإرادة، صلابة الرأي ، قسوة التعامل ومن ثم فهي منبوذة من الغير لغلاظة القول . ومع قسوتها وشدتها فهي تتصف بالجزع ، ولا تصبر علي ما يحل بها من قضاء الله ، ولا تنفعها شدتها فتظل خائفة هلوعة جزعة لايستقر حالها .

  • نمط الشخصية الراحمة والجزعة: 

هي التي يملأ قلبها الرحمة ، العطف ، الحنان ، الشفقة فتعطف علي الناس من حولها ، وتتأثر و تتألم ، و تفرح و تندم  لأنها رقيقة المشاعر . إلا أنها توصف بالجزع ، و بهذا لا تصبر علي ما يعترضها من ظروف ،و أحداث ،و مشكلات ، و ما يحيل بها من قضاء الله .

  • نمط الشخصية الصابرة الراحمة :

من صفات الشخص الصبور الصبر علي قضاء الله وقدره ، والالتزام بأوامر الله ونواهيه ، فهي تصبر علي اتباع الهوي ، وهي رحيمة بالناس قريبة منهم . فهي الشخصية المؤمنة ،والتي وصفها الرسول صلي الله عليه وسلم ” عجباً لأمر المؤمن فإن أمره كله له خير و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن .. أن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له”.

تعرف على: من هي الشخصية الشغوفة و ما صفاتها و ما هو الشغف

   الشخصية الضعيفة، كيفية علاج ضعف الشخصية

جوانب الشخصية الصبورة 

أولاً: الجانب المعرفي:

يتمثل الجانب المعرفي عند الشخصية الصبورة في معلومات الشخص و أفكاره عن المشكلة التي تواجهه . وحسن إدراكه للأسباب الحقيقية للمشكلة ، والبدائل التي يمكن أن يحل بها مشكلته ، أو يتغلب علي المواقف الصعبة الذي يواجها . ومعرفة مزايا وأضرار هذه البدائل ثم أختيار أفضل البدائل ، وإن كان صعباً علي النفس . لان النفس بطبعها تميل الي الراحة باختيار الأسهل و الأيسر ، و إيثارها الجزاء العاجل علي الآجل ، قال تعالي ” وكيف تصبر علي مالم تحط به خبراً” (سورة الكهف:الآيه68) .

ثانياً: الجانب الروحي:

يتمثل الجانب الروحي للشخصية الصبورة في المعني الذي يعطيه الدين للأزمات و الضغوط بأنها ابتلاء من الله و تمحيص للمؤمنين ليعلم مدي إيمانهم بالله و بقضائه وقدره ، وصبرهم وتحملهم.

ثالثاً: الجانب النفسي:

يتعلق الجانب النفسي بحاجات الإنسان المختلفة المتعلقة بتوافقه الشخصي ، و الأجتماعي لمتطلبات البيئة التي ينشأ فيها . فالشخصية الصبورة هي الشخصية التي تسيطر علي الواقع بما لديها من صور ذهنية و من تفهمات . و ليست هي الشخصية التي تخضع لمتطلبات الواقع بل هي الشخصية التي تعيد نظام تكيفها فتحاول أن تنسجم مع البيئة ،و هذا يحتاج إلي بذلها جهداً نفسياً لإعادة التكيف .

رابعاً: الجانب السلوكي:

يتمثل الجانب السلوكي عند الشخصية الصبورة بما يقوم به الشخص من عمل لتنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات بمثابرة ، وجد ونشاط دون تردد ، فالشخص الصبور يسيطر علي أنفعالاته فلا يخاف من الموت . لأنه يعلم أن الموت حق وأنه لامفر منه , فيتقبله كأمر واقعي محتوم بلا خوف  أو جزع  ولأنه يؤمن بالحياة الأخرة الباقية وما وعد الله فيها المؤمنين من نعيم خالد .

العوامل المؤثرة في الصبر

1- العوامل الوراثية

هناك تساؤلات كثيرة حول هل للوراثة دور في توريث الصبر؟ وهل الآباء الصابرون ينجبون أبناء صابرون؟ .

لا توجد أدلة كافية توضح طبيعية هذه العلاقة ،و هناك بعض البراهين التي تدل علي أن الإنسان لم يخلق صبوراً و ليست من طبيعته الصبر. فقد قال تعالي ” إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً” ( سورة المعارج :آيه 19-18).

2- العوامل  البيئية

يقول بن القيم رحمه الله ” أنه يمكن اكتساب الخلق كما يكتسب العقل ،و الحلم ،و الجود ،و السخاء والشجاعه” .و الدليل علي ذلك أن المزاولات تعطي الملكات ، و معني هذا أن من زاول شيئاً ، و أعتاده و تمرن عليه صار ملكة له و سجيه و طبيعيه . فلا يزال الإنسان يتعهد الصبر حتي يتعهده الصبر لقول النبي صلي الله عليه وسلم ” ومن يتصبر يصبره الله”.

سمات أهل الصبر

من صفات الشخص الصبور :

  • الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر.
  • التصدق علي المحتاجين .
  • إقامة الصلاة.
  • إيتاء الزكاة.
  • الوفاء بالعهد.
  • الصبر في حالة المرض – الألم- الفقر- وفي ساحات المعارك والحروب.
  • الإنسان الصبور دائما ما يتحرى الصدق.
  • التقوي.

 مقومات الصبر 

يعتمد الصبر علي  :

  • اليقين: هو المعرفة القاطعة و التصديق التام و لليقين معني آخر فضلاً عن معناه من المعرفة . و هو اليقين بما عند الله من جزاء وعطاء . ويقول الغزالي ” إنما قوة الإيمان يعبر عنها باليقين ، وهو المحرك لعزيمة الصبر ، و أقل ما أوتي الناس اليقين ، و عزيمة الصبر”.
  • الإرادة: فهي قوي كبري من قوي النفس تلعب دوراً كبيراً في مسيرة الإنسان الحياتية . و يقول ول دايورانت أن الإرادة هي جوهر الإنسان بل ما المانع أن تكون جوهر الحياة في جميع صورها . فشخصية الإنسان تكمن في إرادته وليس في عقله”. و بهذا تصبح المقولة الإرادة حياة و الحياة إرادة مقوله واقعيه ، و يصبح العدم هو أنتهاء الإرادة فمن يفقد إرادته يفقد حياته .

معوقات الصبر :

  1. الأستعجال : النفس دائما مولعة بحب العاجل ، كما أن الإنسان عجول بطبعه، حتي جعل القرآن العَجَل  كأنه المادة التي خلق الإنسان منها . فإذا لم يأتي الإنسان مايريده نفذ صبره ، و إذا أبطئ عليه ضاق صدره ناسياً أن لله في خلقه سنناً لا تتبدل ، وأن لكل شئ أجل مسمي، والاستعجال يتعارض تماماً مع معنى صبورة فنجده يتعجل الامور ولا يتريث أبدا .
  2. الغضب : هو إستجابة طبيعية نتيجة الاكتئاب و الأحباط ، والفشل وعندما يكون مصدر هذا الفشل أو الأحباط فإن تكرار الغضب يأخذ شكل العدوان . فيميل الإنسان إلي أن يستجيب لأنفعال الغضب بتوجيه العدوان إلي العقبات التي تعوق إشباع دوافعه أو تحقيق أهدافه . سواء أكانت هذه العقبات أشخاصاً ، أو عوائق مادية لذلك يجب علي الإنسان أن يمتنع أثناء غضبه عن القيام بأفعال قد يندم عليها فيما بعد لكن ذلك ليس من صفات الشخصية الصبورة .
  3. الحزن : الحزن مضر بالإنسان فهو يضعف القلب ، و يوهن العزم ، والإراده ، والحزن علي مافات غير مجد . بل الذي ينفع الإنسان هو أن يستقبل ما حدث بالصبر ، وقد نهي الله عن الحزن فقال لرسوله ” واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون” ( سورة النحل,آيه :127) .
  4. اليأس : فهو من اعظم عوائق الصبر ، فإن اليائس لا صبر له لأن الذي يدفع الزارع الي مشقة الزرع وسقيه و تعهده ، هو أمله في الحصاد . فإذا غلب اليأس علي قلبه ، لم يبق له صبر علي أستمرار العمل في أرضه و زرعه . لذلك يجب علي الإنسان أن يتحلي بالتفاؤل ويكون شخصية صبورة لأن أسوء مايصيب المرء هو اليأس .

تعرف على: من هو الشخص التوكسيك وأهم صفاته

ما هى الشخصية الميكافيلية، صفاتها وأسبابها

في الختام

الصبر فضيلة سامية يقي الإنسان من الجزع والمرض، والحزن فكل الأمراض هينة مقابل ما يضعف القلب إلا وهو الحزن . يؤكد علي ذلك الدكتور جمال أبو العزايم أنه قد تم في السنين الأخيرة . أكتشاف مادة كيميائية تفرزها خلايا المخ خاصة القشرة العليا من فصي المخ ،وأطلق العلماء علي هذه المادة ” الأندروفين ” . و قد وجد أن هذه المادة تزداد في دم الإنسان كلما زاد صبره علي الآلام المختلفة.

و أن هذه المواد الكيميائية تعين الشخصية الصبورة علي وقف الآلم ، و علي زيادة التحمل ،و أطلقوا عليها ” أفيونات المخ”. فالأندروفين واحد من المهدئات الداخلية الذي يؤدي إلي إحساس دافئ مريح عندما يفرز، وتفرز هذه المادة مجاناً بدون مقابل وكلما زاد الصبر وجد أطباء التحليل زيادة مادة ” الأندروفين” في الدم ، وهذا إعجاز للخالق العظيم الذي وعد الصابرين بدرجات من النعيم .

الكاتب:

كاتبة بموقع المتخصص . حاصلة علي ليسانس في علم النفس ، كما انها حصلت على الماجيستير في الصحة النفسية بجامعة الأزهر بالقاهرة . تحب الكتابة و الشعر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *