يعتبر العنف ضد الأخر من أكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمع، وتعدّ فئة النساء والأطفال أكثر الفئات تضرّراً صحيّاً ونفسيّاً وجسديّاً. وتتفاقم هذه الظاهرة بشكلٍ كبير، وتترك خلفها الكثير من الآثار السلبيّة التي تدمّر المجتمعات وأفرادها. وفي هذا المقال سوف نتناول آثار العنف على المرأة.
مفهوم العنف:
تعرف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه : أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية البدنية أو الجنسية أو النفسية. بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. وتمتد آثار العنف إلى ظهور مشكلات صحية إنجابية وقد تزيد من درجة التعرّض لأمراض جنسية معدية كفيروس الإيدز.
ماهي مظاهر العنف ضد المرأة :
-
العنف الجسديّ
وهو أبرز وأشدّ مظاهر العنف بصوره التالية:
الضرب، والإمساك بعنف، والصفع، ولوي اليد، والرمي أرضاً، والخنق، والحرق، والدهس وغيرها.
-
العنف التعليميّ:
يتمثل العنف التعليمي في حرمان الفتاة من التعليم، وتهديدها بإيقافِ تعليمها، وإجبارها على ترك مقاعد الدراسة، أو إجبارها على تخصّص معيّن.
-
العنف النفسيّ:
وهو أيّ فعل مؤذٍ لعواطفِ المرأة ومشاعرها، دون أن تكون له أيّ آثار جسديّة، مثل: المراقبة، والشتم، والاتهام بالسوء وغيرها.
-
العنف الجنسيّ:
يتمثّل العنف الجنسيّ في التلفظ بالألفاظ البذيئة والاغتصاب والتحرش الجسدي.
-
العنف الاجتماعيّ:
وهو أكثر الأنواع ممارسة ضد المرأة في المجتمعات، كمحاولة فرض حصار اجتماعيّ على الفتاة، وتضييق الخناق على فرص تفاعلها وتواصلها مع العالم الخارجيّ.
-
اختيار جنس الجنين:
فاختيار البويضة الملقّحة التي تحمل جنيناً ذكراً والتخلص من التي تحمل جنيناً أنثى، نوع من العنف ضدها.
-
وَأْد البنات:
وهو قتل المولودة الأنثى والإبقاء على الذكر، وهو نوع آخر من العنف ضد المرأة والذى كان يمارس فى عصور الجاهلية وتم تحريمه في كل الأديان.
-
الإجهاض:
سواء بحكم القانون الذي تفرضه بعض الدول التي لا تسمح للأسرة إلا بطفل واحد فقط ويتم الإجهاض بعده، أو أن يتم الإجهاض باختيار الزوجين إذا كان الحمل بأنثى حيث يكون الذكر هو المفضل، أو الإجهاض الشامل للنساء لتصفية عرق ما، وهو عنف ضد البشرية أيضاً، أو أن يطلب من المرأة الحامل الإجهاض لحمل غير شرعي.
-
العنف العاطفي
كالقتل والتشويه والأذى، وهو ما يتم عند حصول اختلاف ما بين شخصين متحابين فيقتل الرجل عشيقته أو يشوّه وجهها بمحلول ماء النار (حمض الكبريت) مثلاً.
-
العنف أثناء الولادة
من الطبيب والممرضة وأحياناً من الزوج، وقد واجهت وزارة الصحة هذه المشكلة بإصدار قرار يدعو لعدم العنف. حتى وإن كان لفظياً، وأن يشيع العطف والحنان من جميع الموجودين في غرفة الولادة لدعم المرأة أثناء ولادتها.
-
عنف ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ومنهم النساء:
ليس فقط التعنيف الجسدي، ولكن أيضاً عدم إعطائهم حقوقهم وتمهيد الطريق لهم لأن يعيشوا حياتهم مثل الآخرين، فهذا نوع من العنف. وبالنسبة لكبار السن، فهناك صور متعددة لتعذيبهم من قبل القائمين على خدمتهم تصل لحد القتل أحياناً لإراحتهم أو الارتياح منهم. أو عدم عمل الإنعاش لهم عندما يتعرضوا لحالة خطيرة تستدعي ذلك بحجة أنهم كبار سنّ أو ليرتاحوا من عذاب وألم المرض، وطبعا 50 في المائة من ذلك يخصّ المرأة.
-
زواج القاصرات:
هو نوع آخر من العنف ويقوم والد الفتاه التي لم تصل بعد لسن الزواج بتزويجها قصرا. دون رغبتها بغرض التخلص منها أو الاستنفاع من زواجها وقد تم تداوله كثيراً في مؤتمراتنا، ويحتاج لسن قوانين ووضع أنظمة.
-
ختان أو طهور البنات:
وختان الإناث هو عاده سيئة متوارثه من العرف قديما وهي منتشره عالمياً وهو فعل غير مقبول عرفاً وقانوناً.
-
العنف الجنسي الذي يمارس على خلفية المظاهرات السياسية:
نوع آخر من العنف ضد المرأة، ويشهده كثير من الدول التي تعانى من اضطرابات داخليه.
-المهجّرون واللاجئون بسبب الحروب والذين يعيشون في المخيمات، خصوصاً النساء، تمارس ضدهم صور مختلفة من العنف.
أسباب العنف:
- -طبيعة المجتمع الذكوري: وهو ما جعلنا نعتقد أن للرجل الحق في أن يكون كأنه يملك المرأة سواء كانت زوجة أو ابنة أو أخت وله الحق في أن يتصرف معها كما يشاء حتى بالضرب.
- -التربية والتنشئة: هناك أخطاء متوارثة لسنوات طويلة حول التشريعات السماوية والتعليمات الدينية، أعطت للوالدين الحق في التربية بكل الطرق العنيفة، وهي في حقيقتها لا تعني أبداً السطوة والعنف في التربية.
- -التعامل في الحياة الزوجية: فعندما تذهب المرأة إلى بيت زوجها يتكرر معها السيناريو نفسه الذي عاشته في بيت أهلها، وقد يكون أشد عنفاً منه
أثار العنف ضد المرأة:
- الآثار النفسيّة: وتشمل فقدان المرأة لثقتها بنفسها، وشعورها بالذنب اتجاهَ الأعمال التي تقوم بها، وإحساسها بالاعتماديّة والاتكالية على الرجل. وشعورها بالإحباط والكآبة، والمهانة والذل، واضطراب في صحّتها النفسية، وفقدانها الإحساس بالمبادرة واتخاذ القرار.
- الآثار الاجتماعيّة: تعدّ هذه الآثار من أشدّ ما يتركه العنف على المرأة، كالتفكّك الأسري، والطلاق، وتسرّب الأبناء من المدارس، واضطراب العلاقات بين الأهالي، والعدوانيّة، وتدمير آدميّة المرأة وإنسانيّتها، ممّا يولد تأزماً كبيراً في بناء الحياة القائم على التعاون المشترك بين الرجل والمرأة، كما يحول العنف الاجتماعيّ دونَ تنظيم الأسرة وتنشئتها بطرقٍ سليمة
- الآثار الصحيّة: يشمل تدهور الحالة الصحيّة للمرأة وقد يصل إلى حالة الإعاقة، وعدم قدرتها على أداء واجباتها بشكل صحيح، وعدم شعورها بالأمان من أجل الإبداع والتطوّر، وكثرة الانتحار وجرائم القتل.
من الذى يقوم بالعنف ضد المرأة ؟
- -المرأة نفسها: فأحياناً تكون هي السبب، ليس لأنها ترغب في التعنيف، ولكن بسبب التربية الضعيفة والتنشئة على أنها مخلوق ضعيف وعليها أن تتقبل كل صور التعنيف التي تتعرض لها دون مقاومة؛ من الأب من الأخ من الزوج ومن كل شخص آخر. ولهذا، فإننا نعمل على برامج التمكين للشباب والشابات لخلق جيل جديد يلم بحقوقه ويدافع عنها.
- -الأنظمة والتشريعات: فلم تكن تساعد، وهذه حقيقة، ولا ننكر أن هناك فرقاً الآن عمّا قبل 10 سنوات أو أكثر، ونحن بحاجة لكثير من التمكين للمرأة، وإننا على يقين بأن تفعيل الأنظمة سيكون أقوى قريباً.
- -الرفيق أو الزوج: وفقاً للإحصاءات العالمية، وكذلك العلاقات خارج إطار الشرعية التي تؤدي لممارسات خاطئة. فنجد أن العنف يأتي من الرفيق والصديق الذي تعاشره المرأة. وفي مجتمعنا، نجد أن الزوج هو رقم واحد في التعنيف، يليه الأب والأخ.
احصائيات العنف ضد المرأة في مصر.
- اظهرت الاحصائيات فى مصر ان نسبة النساء الاتى تعرضن للعنف البدنى من قبل ازواجهم هي 34%. وان 90%منهن للختان وان 27%يتزوجون قبل بلوغ سن 18 و7% يتعرضن للتحرش فى الموصلات ،10% للتحرش فى الشارع.
- 1,5 %تعرضن للعنف على يد افراد العائلة اومن البيئة المحيطة قبل بلوغ سن 18 عاما.
حلول العنف ضد المرأة.
- -إنشاء مؤسّسات ومكاتب استشارات أسريّة تلجأ لها المراه عند تعرضها للعنف.
- -وضْع قوانين صارمة من أجل حماية المرأة، وفرض العقوبات الكبيرة على كلِّ مَن يمارسُ العنف ضدّ النساء.
- – التربية الصحيحة للأطفال منذ الصغر، وتعليمهم احترامَ الآخرين.
- – التوعية لتغيير المفاهيم الطبية عند العاملين الصحيين وهذا يحتاج إلى جهد كبير من الجمعيات والجامعات والمدارس لتقديم مبادرات ومحاضرات، للأولاد قبل البنات، لخلق جيل واثق وواعٍ، وهذا يأخذ وقتاً طويلاً.
- – سنّ الأنظمة والقوانين وتفعيلها ومتابعتها ومعاقبة من لا يطبقها.
- – إشاعة الحب في المجتمع ليكون خالياً من العنف، فالعنف أساسه الكراهية. ويجب تربية الأبناء والأسرة والمجتمع على الحب والتفاهم ونبذ الكراهية والبغض والحقد.
- – لا شك في أن العلاج النفسي جزء من العلاج الذي تحتاجه المعنَّفة. وهناك «برنامج الأمان الأسري» الذي يقدم برامج مختصة في إعادة التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي وبناء الثقة لدى المرأة التي تعرضت للعنف لتخطي المشكلات النفسية، وله نتائج ممتازة.
- التمكين الصحي يوفر للمرأة المعلومة ويعرفها بحقوقها، ودور المرأة أن تمكن نفسها من المعلومة ومن الأنظمة والقوانين والتشريعات فتقي نفسها من التعنيف.
جهود مصر في القضاء على العنف ضد المرأة:
المواد الدستورية المتعلقة بالعنف ضد المرأة (دستور مصر 2014)
- ينص دستور مصر 2014 على قضية التمييز ضد المرأة من خلال المواد (11 ،53 ،214). حيث نصت المادة 11 على أن ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق. المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. ” وأيضا نصت المادة 53 على أن “اﻟﻤﻮاﻃﻨﻮﻥ لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة. لا تمييز بينهم بسبب الدين، العقيدة، الجنس، الأصل، العرق، اللون، اللغة، الإعاقة، المستوى الاجتماعي، الانتماء السياسي، الجغرافي أو لأي سبب آخر”.
- وكذلك نصت المادة 214 على أن ” يحدد القانون المجالس القومية المستقلة. ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها، واختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، ولها الحق في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها “.
مبادرات المجلس القومي للمرأة:
- مكتب شكاوى المرأة.
تم إنشاء مكتب شكاوى المرأة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في 2001 والمجلس القومي للمرأة. للتعرف على المشاكل التي تنطوي على أي تمييز ضد المرأة أو عدم الالتزام بالمساواة الدستورية. ودراسة هذه المشاكل واتخاذ الإجراء الملائم لمواجهتها وحلها بأسلوب علمي موضوع. وقد بلغ عدد الشكاوى الخاصة بالمرأة المقدمة للمكتب 6889 شكوى منها 296 للعنف ضد المرأة و1900 للأحــوال الشخصية.