قصة حصان طروادة


حصان طروادة

تمثل القصص والأساطير جزء من العقل الجمعي للشعوب، ولا يقف تأثير القصص وانتشارها عند شعب بعينه بل يمتد ليكون جزء من التراث الفكري للعالم أجمع، وهذا ما نجده ظاهرًا في قصة طروادة، لذلك نسمع دائمًا عن حصان طرواده، كما نستشهد بقصته داخل أحاديثنا، ولكن هل تساءلت يومًا ما الذي تعرفه عن حصان طرواده؟

معنى حصان طروادة

نردد كثيرًا كلمة حصان طرواده، ولعلك تتساءل ما الذي تعنيه كلمة طروادة تلك، ونشير أن تسمية طروادة تمثل الاسم العربي المتعارف عليه للمدينة.

ولكن يذكر هوميروس تلك المدينة بمسمى “إليوس” و “اليون” و “طروية”.

بينما سماها من تبعه باسم “طرواس”، ثم أتى الرومان وأطلقوا عليها اسم “طرويا”، وبالتالي جاءت تسمية طروادة العربية من الجذر ” طرواس”.

وقبل الإشارة إلى قصة الحرب وحصان طرواده الشهير توجب التعريف بمدينة طروادة بطلة القصة.

فهي تلك المدينة العريقة التي تنتمي لمنطقة الأناضول، وبالتالي تنتمي لإقليم ميسيا الواقع في شمال غرب آسيا الصغرى.

يحد المدينة من الغرب البحر الإيجي، وبالمثل يحدها شرقًا جبل ايدا، هذا بالإضافة إلى حدودها الجنوبية مع خليج أدراميثيوم.

ثراء مدينة طروادة وتطورها الاقتصادي 

يرجع الفضل في قيام حضارة طروادة الأولى والثانية إلى الآسيويين ممن وقعوا تحت التأثير الحضاري لحضارة العراق القديم.

سيطرت طروادة الأولى والثانية على الطريق التجاري البحري.

هذا إضافة إلى تطورها في تجارة المعادن والأحجار الكريمة نظرًا لقربها من مناجم الفضة.

إلى أن سقطت طروادة الثانية نتيجة تعرضها للهجرات الهندوأوروبية.

بنت تلك العناصر المهاجرة أو فيما يعرفوا ب”اللوبين” طروادة الثالثة، ثم استمر تدفق الهجرات حتى جاءت عناصر تمكنت من تأسيس طروادة السادسة.

والتي عرفت بتحصينها ومتانة أسوارها، وما حققته من ثراء فاحش، وبالتالي انتجت عمارة مميزة وعلاقات دبلوماسية قوية مع القوى الخارجية في بلاد اليونان وجزر بحر إيجة.

لكن باغت زلزال المدينة ودمرها، وبالمثل قامت حضارة طروادة السابعة على ذات الأنقاض القديمة، لكنها لم تحظ بنفس درجة الثراء.

هل قصة حصان طرواده حقيقية

كان ينظر لمدينة طروادة في السابق على أنها مجرد مدينة أسطورية موضعها الوحيد خيالات الكتاب.

حتى استطاعت البعثات الأثرية الكشف عن حقيقة مدينة طروادة، بالإضافة إلى  إثبات تواجدها في سجل التاريخ.

لكن أوضحت الآثار المكتشفة في الموقع أن تسع مدن نشأت هنالك واحدة تعلو الأخرى، فأي طروادة من التسع طروادات قد شهدت الحرب؟.

وبالنظر إلى آراء العلماء نجد أن بعضهم ذهب إلى أن طروادة الثانية المؤرخة بالفترة من 2500 إلى 2250 ق.م هي التي شهدت الحرب وفقًا لأوصاف الألياذة.

ومع ذلك ذهب البعض الآخر إلى أن طروادة السادسة التي تؤرخ بالفترة من 1800 حتى 1300 ق.م هي من عانت ويلات الحرب.

هذا بالإضافة إلى فريق آخر أشار إلى أن طروادة السابعة من شهدت الحصار لفترة تقترب من التسع سنوات، ومن ثم تعرضت للنهب والحرق.

يمكنك أن تقرأ أيضًا: ما هي اتفاقية سيداو

قصة حصان طرواده الحقيقية

خلدت ملحمة الإلياذة والأوديسة قصة حصان طرواده والحرب العظيمة التي قامت ما بين الأغريق وأهل طروادة.

فتعد أشعار هوميروس بمثابة المرجع الأساسي لتتبع تلك الحرب وقصة حصان طرواده، حيث أشار إلى حرب ضروس اندلعت ما بين الآخيين ومدينة طروادة لخطف امرأة.

حيث يذكر هوميروس أن “باريس” أمير طروادة حل ضيفًا على منيلاوس ملك أسبرطة، فوقع أمير طروادة في حب هيلينا زوجة ملك أسبرطة.

حيث اشتهرت بشدة جمالها، وقد أحبته هي الأخرى، فقاما بالهرب للاحتماء بطروادة.

وبمجرد أن علم الملك بفعلتهم قرر الانتقام، فكون حلف عسكري يضم عدد من الأمراء والملوك بهدف تدمير طروادة وإعادة زوجته مرة أخرى.

وبناء على ذلك قاد أجاممنون ملك موكيناي حملته العسكرية، فحاصر طراودة لفترة تقترب من تسع سنوات.

الأسباب المنطقية لحرب طروادة

بالنظر إلى السبب الذي ذكره هوميروس نراه ليس مقنعًا ، فهل تتحرك الجيوش وتحاصر مدينة لمدة تقرب من تسع سنوات لأجل قصة حب.

ثم هل تستمر طروادة في الحرب لما يقرب من عشرة سنوات لأجل امرأة!

ربما يكون هذا سببًا عاطفيًا يخدم القصة ويحرك المشاعر، ولكنه  ليس مستبعد على كل حال.

بالإضافة إلى هذا يرى بعض العلماء أن حرب طروادة قامت برغبة في التوسع كنتيجة طبيعية لتزايد عدد السكان.

وبالنظر إلى المصادر المعاصرة للأحداث كالألواح الحيثية نجد أنه بحلول القرن الثالث عشر قبل الميلاد شهدت المنطقة تزايد قوة الآخيين.

حتى أنهم بدأوا يعتدون على أملاك الإمبراطورية الحيثية،  وبالتالبي ن الطبيعي أن يطمعوا في مدينة غنية لها ثقل تجاري مثل طروادة.

بينما يرى البعض أن الحرب قامت سعيًا للسيطرة على مضايق منطقة البحر الأسود.

حيث تعوق طروادة سيطرة الآخيين على البحر الأسود وبحر مرمرة بالإضافة إلى سواحل آسيا الصغرى وجزرها.

الاستعداد لحرب طروادة

استعد الآخيون لشن حربهم ضد طروادة لفترة تقترب من عشر سنوات، ثم انطلقت سفنهم من ميناء أوليس الواقع وسط البلقان.

حيث حاصروا المدينة لفترة تقترب من عشر سنوات. وقد اختلف العلماء حول تاريخ حصار المدينة.

فمنهم من يرجعه إلى الفترة الممتدة من 1194- 1184 ق.م.

بينما يذكر المؤرخ بليني أن سقوط طروادة يعاصر عهد الملك رمسيس الثالث.

حيث يدعم ذلك الرأي إشارة السجلات المصرية لحدوث اضطراب في الجزر في تلك الفترة، فربما يشير ذلك إلى أحداث الحرب.

قصة حصان طروادة باختصار

تشير القصة إلى لجوء الآخيين إلى الحيلة لاقتحام أسوار المدينة المنيعة بعدما فشل الحصار.

حيث رأوا أن الحيلة تفوق القوة في الحرب. فقد بدأت فكرة ماكرة تتسلل نحو عقولهم.

فقررو صنع حصانًا ضخمًا من الخشب كي يحتمي الجنود داخله.

ويدعي باقي الإغريق الانسحاب من خلال رسم بعض مظاهره مثل إشعال النار في الخيام والعودة بالسفن.

بينما يقيدون رجلًا منهم بهيئة رثة كي يظنوا أنه كان أسيرًا لدى الإغريق ولقى سوء معاملة منهم.

وقد هدفت الخطة إلى خروج أهل طروادة من الحصون للاحتفال بالنصر والنظر فيما ترك معسكر الإغريق.

وحين يجدون ذلك الحصان الضخم يخبرهم الرجل المقيد أن الإغريق صنعوه قربانًا للمعبودة أثينا، ثم يروي لهم الرجل قصة معاناته مع الإغريق.

وحين يبتلع أهل طراودة الطعم ويُدخلون الحصان للمدينة، يشعل الغريب النار في إحدى القمم العالية

موجهًا إشارته للسفن الإغريقية للعودة، ثم يفتح الغريب أبواب الحصان ويخرج الجنود المختبئين داخله.

نفذ الإغريق الخطة بإحكام، واختاروا أمهر صانع من بينهم وجلبوا له الأشجار من جبل إيدا.

فأنتجت أيديهم حصانًا متقنًا يبدو أقرب إلى الحقيقة منه إلى الصنع.

أقراء ايضاً عن حقيقة أسطورة ميدوسا

نهاية مدينة طروادة

انخدع أهل طروادة بمظاهر الانسحاب، وشعروا أن العيد قد اقترب بفك حصارهم، وصدقوا رواية الرجل متأثرين بنشوة الانتصار.

وحين وجدوا الحصان ضخمًا لا تتسع له أبواب المدينة حطموا بحماسة جانبًا من السور، ليضعوا حصان طرواده في مقره المحدد.

أمن أهل طروادة وناموا ليلتهم الهادئة بعد الانتصار الوهمي، ومن ثم خرج الإغريق وهبت الرياح المدمرة على المدينة.

فاعملوا فيها التخريب والرعب، وبذلك سقطت المدينة نتيجة لحيلة ماكرة وهي حصان طراوده الشهير.

لم يستقر الآخيون في طروادة بعد تدميرها، حيث أظهرت التنقيبات الأثرية أن من نجى من أهل طروادة أستمر في العيش في خرائب المدينة لما يقرب من جيل.

وبحلول القرن الثاني عشر قبل الميلاد، سكن أناس مجهولون المدينة واندمجوا مع من تبقى من سكانها القدامى.

 

وختامًا نكون قد ذكرنا بإيجاز كل ما يتعلق بمدينة طراودة الخالدة في التاريخ، وقصة حصان طرواده الذي تشير إليه الحكايات بأنه من أسقط المدينة بعد سنوات من الحصار.

 

الكاتب:

كاتبة محتوى وروائية, لدى خبرة في كتابة المقالات في عدد من المجالات على رأسها السياحة والتاريخ. باحثة ماجستير في الأثار المصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *